خرج مئات السوريين، اليوم الخميس، في تظاهرة بساحة الأمويين في العاصمة دمشق، نادت بـ"حكم مدني وديمقراطي وعلماني" في سوريا، شارك فيها عدد من الأدباء والفنانين والكتّاب، لكن سرعان ما تبين وجود مؤيدين للنظام المخلوع في صفوفهم كانوا يطالبون الأسد بقتل السوريين بالبراميل والكيماوي، في حين لم تعترضهم السلطات الجديدة في دمشق.
بدأت الانتقادات من الحضور المتواضع لـ علم الثورة السورية، خلال التظاهرة التي شارك فيها سوريون بناءً على دعوات مما يعرف بـ"تجمع الشباب المدني"، عبر مناسبة في تطبيق "فيس بوك"، وركزت المطالب بشكل رئيسي على شكل الحكم المستقبلي في سوريا، ونبذ الطائفية، إلى جانب المطالبة بالمساواة الجندرية وعدم الإقصاء.
ويقول "تجمع الشباب المدني" المنظم للتظاهرة، إن أهدافه، وفقاً لقصاصات ورقية تم تداولها في ساحة الأمويين اليوم، خلال التظاهرة:
- المطالبة بمؤتمر وطني لتشكيل لجنة من الكفاءات السورية لتشكيل دستور ديمقراطي مؤسساتي يضمن حقوق المواطن ويعزز دور المواطنة في بناء سوريا المستقبل.
- المساهمة في تعزيز الوعي بضرورة استناد الدستور إلى شرعة حقوق الإنساني والوصول إلى دولة قانون تحمي حقوق المواطنين كأفراد بناءً على المواطنة من دون تفرقة مبنية على الجنس أو العرق أو الدين أو الطائفة.
التظاهرة ـ وبسبب المشاركة والدعوة لها من قبل شخصيات موالية للنظام المخلوع ـ واستخدمت أساليب تشبيحية وتحريضية ضد السوريين، كان من أبرز أسباب انتقادها، وفقاً لما يرى الصحفي فارس وتي، وقال إن "المظاهرة في ظاهرها تحمل مطالب محقّة، لكن تبدو متورطة في العنف ضد السوريين على مدار 14 عاماً طالما أن بعضاً من المشاركين فيها مؤيدون للعنف والخيار الدموي بحق السوريين".
وأضاف لموقع تلفزيون سوريا: "لا شكّ أن الشعب السوري يتطلع إلى بناء دولة علمانية تضمن التعايش السلمي والكرامة لجميع مكوناته من مختلف الأطياف لكن باستثناء الشبيحة وأنصار المجرم الهارب، حيث لا يمكن اعتبارهم جزءاً من تطلعات الشعب السوري النبيلة، ومن اختار الخضوع والولاء الأعمى لرأس النظام المخلوع وقواته القتلى على حساب كرامته وكرامة وطنه، لا يمثل القيم الحقيقية للشعب السوري الذي ناضل من أجل الحرية والعدالة والمساواة".من جهته، قال الناشط الإعلامي "حسن المختار" لموقع تلفزيون سوريا: "من حق جميع شرائح الشعب السوري التعبير بشكل سلمي عن شكل الدولة ونظام الحكم الذي يرغبون فيه وهو حق مشروع قامت على أساسه الثورة السورية، طالما لا يمس مبادئ الثورة الأساسية في الحنين إلى نظام الأسد الهارب".
علم الثورة بحضور خجول
حضر علم الثورة السورية، بشكل خجول في التظاهرة، وهو أحد أسباب تحفّظ المصور الصحفي عبد العزيز نجم، الذي حضر المظاهرة للتغطية الإعلامية، وقال لموقع تلفزيون سوريا: "رفع علم الثورة كان خجولاً للغاية، وأعتبر أن هذا الغياب ليس بريئاً".
ورغم أن "المناسبة" المقترحة في تطبيق "فيس بوك" الداعية للمظاهرة، وضعت علم الثورة السورية غلافاً لها، فإن تعليقات عديدة على منشور يعود للمخرج رامي نضال ـ أحد منظمي التظاهرة ـ طالبت بعدم رفع علم الثورة السورية، وهو ما يفسر حضوره الخجول.
وكان قد كتب "نضال" عبر حسابه بعد يومين من سقوط النظام: "من هلق لتاريخ 1 مارس أي خطأ من حكومة الإنقاذ السلفية يستوجب حراااااك مدني سلمي لأنها للإنقاذ وليس للاستمرار.. مقاومة الصبغة الإسلامية المتشددة أمر سهل .. الأمر الصعب مقاومة نستولجيا النظام القديم.. #الحل_سوريا_مدنية".
وكتب الباحث أحمد أبازيد في تغريدة: "مع الإبادة والقتل والبراميل في زمن الأسد .. مع المدنية والعلمانية ومعارضة الاستبداد في زمن الثورة".
"التخوين شيء مسيء"
يقول الشاعر والكاتب رامي العاشق - أحد المشاركين في المظاهرة: "خرجنا بالدرجة الأولى لأننا استعدنا ساحاتنا وشوارعنا وأصواتنا من قبضة النظام الساقط، وهذا جزء من وجودنا وفعلنا الوطني والسياسي، ومن إيماننا ورغبتنا بوطن حر قائم على أساس المواطنة. نريد دولة مدنية تعددية ديمقراطية أساس المواطنة، ونريد، بعد فترة الحكومة المؤقتة، هيئة حكم انتقالية تمثل السوريين بكل أطيافهم وألوانهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية".
ويضيف: "هيئة الحكم هذه تعمل على صياغة دستور وطني ويستفتى عليه الشعب. لا يجب أن ينظر أو يقرر الدستور من قبل فئة واحدة. لا نريد تطمينات من أحد، دستور المواطنة والدولة المدنية الديمقراطية هي الضمان للجميع، تجمعنا بناء على دعوة عبر فيس بوك قام بها مجموعة من الفنانين والفاعلين الثقافيين في دمشق".
ويقول "العاشق": "كانت ردة فعل السلطات محترمة، ولم يبدر منهم أي تصرف مسيء، وكانوا بيننا، واحترموا الناس، وهذا بأمانة يدعو للتفاؤل والفرح".
وحول غياب علم الثورة، يشير إلى أن العلم كان حاضراً، ومرفوعاً، ولا لبس بالموضوع.
واعتبر أن "أي نوع من أنواع التخوين أو الاتهامات هي شي مسيء"، ويردف: "يجب أن نتقبل الاختلاف وما نفوت بنظريات مؤامرة"، مؤكدا أن المشاركين ثوار منذ العام 2011 ومعتقلون سابقون، رغم عدم معرفته الشخصية بالمنظمين.
إرسال تعليق