0

 

احتج فنانون وكتّاب وسينمائيون سوريون، من بينهم محمود الحسن وغطفان غنوم ورائد وحش، على إدراج فيلم "سلمى" للمخرج جود سعيد في برنامج مهرجان قرطاج السينمائي الدولي، مطالبين إدارة المهرجان بمراجعة القرار الذي اعتبروه طعنة لضحايا نظام الأسد.

وأكد بيان صدر عن عدد من المثقفين والسينمائيين السوريين أن مهرجان قرطاج السينمائي، كمنبر ثقافي وإنساني، لا يليق به عرض أفلام تزيّف الحقائق وتمجّد أنظمة متهمة بالقمع والدمار، مثل فيلم "سلمى".

ووصف البيان المخرج جود سعيد بأنه أداة إعلامية للنظام السوري، مؤكدين أن أعماله، بما فيها فيلم "سلمى"، تُظهر صورة مغلوطة عن الواقع السوري، وتتجاهل المآسي التي يعاني منها الشعب بسبب القمع والدمار.

"ديكور سينمائي" على أنقاض الضحايا

تطرق المحتجون إلى ما وصفوه باستغلال سعيد للمأساة السورية، حيث اتهموه بتوظيف الأنقاض التي خلفها القصف كخلفية سينمائية، متجاهلاً معاناة العائلات التي ما زالت عالقة تحت الأنقاض.

وجاء في البيان: "إننا، كسوريين أحرار، مثقفين وسينمائيين، نرى في مهرجانكم العريق منبراً للفن الراقي الذي يسمو بالإنسانية ويدافع عن حقوق الشعوب في العدل والحرية والكرامة، لذا نكتب إليكم اليوم ببالغ القلق والاستنكار، احتجاجاً على إدراج فيلم سلمى للمخرج جود سعيد ضمن برنامج مهرجانكم لهذا العام".

وأشار البيان إلى أن "جود سعيد، الذي يسوّق نفسه كمخرج يعكس واقع سوريا، لم يكن يوماً إلا صوتاً منحازاً لنظام دكتاتوري متعطش للسلطة، نظام قام على القمع والقتل والتدمير. أفلامه لم تكن إلا محاولات منظمة لتزييف الحقائق وتبرير الجرائم التي ارتكبها هذا النظام بحق شعبنا".

ووفق مصدري البيان، فقد "برز اسم المخرج جود سعيد كواحد ممن اختاروا حمل الكاميرا لا لتوثيق الحقيقة، بل لتزييفها فوق أنقاض أحياء سكنية دمرها قصف النظام الوحشي، كما قدم للعالم صورة مزيفة تُمعن في طعن الشعب السوري وتشويه حراكه، صورة تتجاهل وجع المدن المدمرة وتحول الحطام الذي شهد القتل والدمار إلى ديكور سينمائي".

وبينما "كانت العائلات لا تزال عالقة تحت الأنقاض، كان سعيد يبحث عن زواياه المثالية، غير آبه بالألم الذي يحيط به"، وفق البيان الذي شدد على أن "هذا السلوك لا يمثل فقط خيانة صارخة للضمير الإنساني، بل هو أيضاً شراكة في جريمة طمس ذاكرة شعب وإعادة كتابة تاريخه لصالح الظالم".

مطالبة بسحب الفيلم

وأشار البيان إلى أن فيلم "سلمى"، كغيره من أعماله، لا يمثل سوريا ولا تطلعات شعبها الطامح للحرية والكرامة، مضيفاً أن "إدراج هذا الفيلم في مهرجانكم، الذي لطالما اعتبرناه منصة للنضال الثقافي، يُعدّ طعنة في قلوب السوريين الذين فقدوا وطنهم وأحباءهم تحت أنقاض المدن التي دمرها النظام".

وقال المحتجون على الفيلم: "إننا نؤمن أن مهرجان قرطاج السينمائي يليق به أن يعرض الأفلام التي تعبر عن قضايا الشعوب العادلة، وتُعلي من شأن القيم الإنسانية النبيلة، ونعلم أنكم تدركون أن الفن الحقيقي هو صوت للمظلوم، وليس أداة بيد الظالم".

وأضافوا: "لذلك، وباسم السوريين الأحرار، نطالب إدارة مهرجانكم الموقرة بمراجعة قرارها بإدراج فيلم سلمى في برنامج المهرجان. إن عرض هذا الفيلم لن يكون مجرد خطوة تقنية، بل سيكون إشارة إلى تواطؤ ضمني مع محاولات النظام السوري لتزييف الحقيقة وطمس معاناة الشعب السوري".

وجاء في ختام البيان: "نناشدكم أن تبقوا صوتاً للحق ومنبراً للفن الذي ينحاز للإنسانية، ونثق أنكم ستتخذون القرار الذي يتماشى مع قيمكم وقيم مهرجانكم العظيم".

استغلال الأحياء المهجّرة

يواجه المخرج جود سعيد اتهامات باستغلال المأساة السورية بعد أن تم منحه أحياء في مدينة حمص، والتي أفرغت من سكانها إثر تهجير قسري نفذه النظام، وبدلاً من أن ينقل حقيقة ما جرى، استخدم هذه الأحياء كديكور لفيلمه "مطر حمص"، متجاهلاً قصص الألم والمعاناة التي عاشها أهالي تلك المناطق.

لم يكتفِ سعيد باستغلال الأحياء المهجّرة، بل عمد إلى تفجير بعض المنازل ضمن مشاهد الفيلم، ليضيف لمسته السينمائية على حساب بيوت الناس التي كانت يوماً شاهدة على معاناتهم.

ونسّق سعيد مع طيران النظام في أثناء تصوير بعض المشاهد في الفيلم، ليتم تنفيذ عمليات قصف حقيقية تُظهر مشاهد "واقعية"، مما أثار غضباً واسعاً باعتبارها استهزاءً بمعاناة الضحايا واستخداماً غير أخلاقي للدمار الحقيقي الذي خلّفه النظام.

ويرى سوريون في تصرفات سعيد بأنها شكل من أشكال السادية، حيث يتم تحويل مشاهد القتل والدمار إلى أدوات سينمائية، مما يعكس دور سعيد كأداة للنظام في طمس الحقيقة وتشويه الذاكرة الجمعية للشعب السوري.


إرسال تعليق

 
الى الاعلى